“عُقدت على نواصيها الخير”٬ نعم هي الخيل٬ خاصة الخيول العربية الأصيلة٬ التي لم تعد فقط ملهمة الشعراء٬ ورمز النشامة العربية٬ ولكن الآن أصبحت أحد مداخيل السياحة٬ فمن سباقات الخيول٬ إلى المزادات إلى مسابقات الجمال٬ وغيرها الكثير مما يمكن أن ينتقع به اقتصاديا وسياحيا من الخيول.
المركز الأول عالمياً
تحتل المملكة المركز الأول عالمياً في إنتاج الخيل العربية الأصيلة بعدد 3137 من المواليد للعام 2016، 158 إسطبلا٬ و8 آلاف مالك خيل من الرجال، فيما لا يتجاوز عدد النساء المالكات 100 امرأة٬ أما مرابط الخيل فيبلغ عددها 14 مربطاً في كل من الرياض، والمنطقة الشرقية وجدة.
الأصول عربية الخيل العربية من سلالات الخيول الخفيفة في العالم وهي تابعة لمنطقة الشرق الأوسط، والخيول العربية تتميز برأسها المميز وذيلها المرتفع وتعدّ بذلك واحدة من الأنواع التي من السهل التعرف عليها عبر العالم، وهي واحدة من أقدم سلالات الخيول، فالأدلة الأثرية ترجع أصول الخيول العربية إلى 4,500 سنة، فعلى مر العصور، بدأت الخيول العربية من الجزيرة العربية وانتشرت في باقي بلدان العالم، إما عن طريق التجارة أو الحروب، كما تستخدم للتناسل مع السلالات الأخرى لتحسين قدرات تلك السلالات على الصبر والدقة والسرعة، وتمتلك عظاما قوية ودما عربيا أصيلا، لذلك تعدّ الخيول العربية الأكثر حضورا حاليا في سباقات ركوب الخيل. الخيول العربية نشأت في الصحراء على يد البدو العرب الرحل، وغالبا ما كانت تعيش معهم في الخيام لتوفير المأوى والحماية، هذا الارتباط الوثيق بينها وبين البشر جعلها أكثر تعلما وطاعة لهم، حيث كانت تستعمل في الحروب، وهذا ما يدفع مربي الخيول حاليا للالتزام في التربية مع الخيول العربية بنفس الطريقة التقليدية المعتمدة على الاحترام. انضباط هذه الخيول جعلها تعدّ من أقوى السلالات في مسابقات الفروسية والعديد من المجالات الأخرى، وهي واحدة من أكبر عشر سلالات الخيول الأكثر شعبية في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، بريطانيا، أستراليا، أوروبا، أمريكا الجنوبية (خصوصا البرازيل)، وأرضها الأصلية الشرق الأوسط.
وجهة جديدة
وفي العام 1417هـ أقيم أول عرض وطني لجمال الخيل عام 1417هـ، تحت مسمى العرض الوطني للخيل العربية الأصيلة٬ ومنذ ذلك الحين٬ بدأت المسابقات والمهرجانات الخاصة بالخيل تتوالى٬ ليس فقط لعشاقها في الداخل٬ ولكن منها مسابقات اتسمت بالعالمية٬ لتتحول إلى وجهة سياحية لها روادها
وأكد ناصر الفوزان، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للبطولة، أن الاهتمام الذي توليه قيادة البلاد بمجال الخيل والفروسية وسباق جمال الخيل العربية، ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، شجعا الملاك والمهتمين على مواصلة الاهتمام وتطوير تلك الرياضة التراثية المهمة، وإطلاق البطولات في مختلف مناطق السعودية لجمال الخيل العربية الأصيلة. وبين الفوزان أن البطولة تم نقلها من الأحساء التي كان مقررا إقامتها إلى الرياض، بسبب عدم توافر مكان مناسب لاستضافة الأعداد الكبيرة المشاركة من الخيول، لتستضيفها مزارع الخالدية للإمكانيات والتجهيزات التي تتمتع بها المزرعة، إضافة إلى قربها من مرابط الخيل والملاك.
والمسابقة استعانت بعدد من الحكام الدوليين المعتمدين في منظمة «الايكاهو» الدولية حرصا على الشفافية والحيادية في القرارات.
مركز الملك عبدالعزيز
ويدعم مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة البطولة ويسعى بقوة لإنجاحها وإخراجها بالشكل المطلوب ودعم رياضات الخيل بشكل عام.
وهو ما أوضحه المهندس عبد العزيز الغملاس، عضو اللجنة العليا والمشرف العام على البطولة ونائب المشرف العام لمركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة بديراب، أن مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة يشرف وينظم هذه البطولة بشكل سنوي منذ عام 1417هـ، تحت مسمى العرض الوطني للخيل العربية الأصيلة، وبعد ذلك أصبحت المملكة تنظم أكبر بطولة على مستوى العالم (تايتلشو)، وهي بطولة الأمير سلطان للجواد العربي والتي تعتبر من أعرق خمسة عروض في العالم. وعدد الخيل المسجلة في البطولة 353 رأسا، تعود ملكيتها لـ158 مالكا، مبينا أن هذه البطولة تقام تحت أنظمة «الإيكاهو»، وتشتمل على 12 فئة مقسمة إلى 24 قسما.
وكل الخيل المشاركة في البطولة تخضع لتقييم من الحكام وفق 100 درجة توزع إلى خمس فئات لكل فئة 20 درجة حسب النوع والرأس والرقبة والقوام والحركة والجسم والظهر، وذلك وفقا للمواصفات القياسية التي تقام عليها تلك البطولات الدولية، والفائز بلقب البطولة يكون بطل المملكة بما يؤهله للمشاركة في البطولات الدولية.
مهام المركز
يعتبر المركز الجهة الرسمية المختصة بتسجيل الخيل العربية في المملكة العربية السعودية وهو يمثل المملكة في المنظمات الدولية ذات العلاقة بموجب اختصاص الوزارة بالخيل العربية حسب ما ورد بالأمر السامي عام 1417هـ.
ويقوم المركز بمتابعة المواليد والخيل المستوردة في جميع مناطق المملكة لتطبيق النظم الدولية لتسجيلها ويقوم بالتنسيق معهم في وسائل تطوير التربية والإنتاج٬ ورعاية الخيل العربية الخاصة بالدولة وهي موجودة حالياً بالمركز وجميع ما يتبعها من خدمات تغذية ورعاية بيطرية وزراعة الأعلاف اللازمة والتدريب وإقامة عروض جمال الخيل العربية٬ كذلك تقديم المشورة والآراء الفنية للمهتمين بالخيل العربية الاصيلة٬ والتنسيق مع المنظمات الدولية في وضع الخطط والبرامج لأنظمة المعلومات وأنظمة التصدير والاستيراد والتوثيق الرسمي٬ و إصدار شهادات تسجيل الخيل العربية في المملكة وإصدار سجل الأنساب للخيل العربية بشكل دوري وجوازات السفر للخيل العربية٬ و وضع خطط الإنتاج للخيل العربية بالمركز والمحافظة على السلالات والأنساب النادرة والمحافظة على النواحي التاريخية.
كما يقوم المركز باستقبال الزوار والمهتمين بالخيل العربية وكبار المسئولين بالدولة وكذلك الزوار الرسميين والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي. ويتم عمل عروض للخيل العربية من إنتاج المركز لاطلاعهم عليها٬ و المشاركة في المهرجانات الوطنية مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية والأنشطة الرياضية الخاصة بالفروسية٬ وفي العام 1428 بموجب الأمر السامي تمكن القطاع الخاص من اقامة مسابقات جمال الخيل العربية بالمملكة تحت اشراف المركز.
مزرعة الخالدية
في صحراء السعودية بنفود قنيفذاء، واحة خضراء، رائعة الجمال، حوت إحدى أهم مزارع الخيول العربية الأصيلة في العالم، بداخلها مجموعة من أجمل وأجود وأغلى الخيول٬ سميت بالخالدية٬ تربعت مزرعة الخالدية التي يملكها صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وسط كثبان تبراك الرملية، في مساحة كبيرة مقدراها 1680 هكتار، منذ عام 1983م؛ تاريخ تأسيسها.
أقسام المزرعة
قسمت المزرعة الواقعة في مدينة تبراك بمحافظة القويعية، والمبتعدة عن العاصمة الرياض بحوالي 76 كم؛ إلى ثلاثة أقسام؛ الفروسية، ومحمية الحياة البرية، وقسم الانتاج النباتي والحيواني.
تحتضن مزرعة الخالدية بين جنباتها؛ جمال الطبيعة، وروعة المكان، ودقة التنظيم. فبالإضافة إلى خيلها العربية الأصيلة تحتوي على غابات اصطناعية، وبيوت زجاجية للمحاصيل الزراعية، ومصنع للأسمدة العضوية. كما تحتوي على أشجار النخيل المنتجة للتمور، وأشجار البرتقال والليمون، والخضروات٬ وتنتج المزرعة عسل النحل بكميات تجارية.
البطولات والألقاب
شاركت اسطبلات الخالدية في البطولات العالمية منذ ما يقارب العشرين عاما، وحققت أفضل الألقاب بمختلف البطولات. وقد عادت مؤخراً من العاصمة الفرنسية باريس بلقب أفضل اسطبلات على مستوى العالم تحقيقاً للألقاب ببطولة العالم باريس، وهي الجائزة التي استحدثت أول مرة بمناسبة مرور 35 عاما على انطلاقة بطولة كأس العالم لجمال الخيل العربية الأصيلة بمشاركة أكثر من 170 جوادا من ١١ دولة. وتعد اسطبلات الخالدية الأشهر من حيث عدد مرات الفوز بكأس العالم عبر جيادها الأصيلة، بإنجاز فريد مقداره 16 بطولة ذهبية!
وقد عدت الخالدية المزرعة الوحيدة على مستوى العالم التي تحرز ثلاث بطولات من أصل أربع، وهذا الانجاز لم يسبق ان حققته اي مزرعة أخرى في العالم في مسابقات الجمال من الفئة (أ) والتي تعد من حيث التصنيف منظمة الإيكاهو أعلى البطولات العالمية. كما اعتبرت الخالدية المزرعة الأولى في الشرق الأوسط التي شاركت بإنتاجها بفئتي الأمهر والمهرات من خلال المهر العالمي (معتز البويبية) و(لنا الخالدية) وهما من نسل الفحل العالمي (أجا سنقالي) الحاصل على بطولة كأس العالم بفرنسا عام 2000م.
وفي بطولة الانتاج المحلي لجمال الخيل العربية الأصيلة الرابعة في المملكة 2015، التي أقامها وأشرف عليها مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة في ديراب، واستضافها مركز المسرة الدولي للفروسية في محافظة الطائف، حازت الخالدية على كثير من الذهب عن طريق؛ المهرة (نورا الخالدية) والمهر (رامز الخالدية) والفرس (شماء الخالدية) والفحل (معتز البويبية). وفي رصيد الخالدية مخزون كبير من الكؤوس والبطولات التي لم نذكرها، ولا تتسع لها مساحتنا المحدودة.
المزادات
اعتادت مزرعة الخالدية على إقامة المزادات السنوية التي تساهم في تطوير صناعة خيل الجمال وخيل السباق، فعلى سبيل المثال؛ فإن مزادها رقم 11 الذي أقيم في العام 2015 والذي يعد المزاد الثاني في نفس العام؛ قد تم فيه عرض 53 جوادا، بيع نصفها تقريبا، وبلغ إجمالي المزاد مليونا و351 ألف ريال، عرضت فيه سلالات مميزة، تنحدر من خيول حققت مختلف البطولات على مستوى العالم في فئتي الجمال والسرعة.
مهرجان الخالدية
لا تذكر مزرعة الخالدية إلا ويذكر مهرجان الخالدية للجواد العربي وبمسماه الجديد مهرجان الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمي للجواد العربي، والذي يصنف حسب أنظمة المؤتمر الأوربي لمنظمة الخيل العربية الأصيلة بأعلى تصنيف (بطولة ألقاب) تايتل شو ، ومعروف أن فكرة تخصيص الجواد العربي بمهرجان، طالما راودت صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وتم ذلك في يناير 2008.
ويقوم الاحتفال على تعزيز مجالات الفروسية وتطويرها، ورفع ذكر فرسها، الذي كان عاملا من عوامل تاريخ الثقافة العربية. ويرعى الاحتفال صاحب السموّ الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، في مزرعة الخالدية، في يناير من كل عام، ولخمسة أيام متواصلة.
يحتوي الاحتفال على العديد من الأنشطة المتنوعة، التي تستهدف إنعاش الفروسية، واستعادة أهمية الجواد العربي ومكانته في تاريخ الأمة. ففي اليوم الأول يعقد مزاد للجياد العربية الأصيلة، الفريدة في نوعها. وفي اليوم الثاني تستبق الجياد العربية المعدة لذلك. وفي اليومين الأخيرين يشارك الجواد العربي في مسابقة فروسية دولية، ليظهر خلالها جماله وألقه.
التعليقات/ 0